سورة النساء - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40) فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41) يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)} [النساء: 4/ 40- 42].
يخبر اللّه تعالى أنه لا يظلم في الحساب أحدا من خلقه يوم القيامة مثقال ذرة، ولا حبة خردل، بل يوفيها له، ويضاعفها له، إن كانت حسنة، كما قال سبحانه: {وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ (47)} [الأنبياء: 21/ 47]. ومع أنه تعالى لا ينقص أحدا من أجر عمله، ولو مثقال (وزن) ذرة، يضاعف ثواب الحسنة إلى عشرة أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، بل إنه سبحانه أيضا يعطي عباده أجرا عظيما من غير مقابل له من الأعمال، فهو سبحانه واسع الفضل والجود، كثير الإحسان. والأجر العظيم: الجنة والرضوان الإلهي. والآية تعم المؤمنين وغير المؤمنين، فأما المؤمنون فيجازون في الآخرة على مثاقيل الذر فما زاد، وأما غير المؤمنين فيما يفعلون من خير فتقع المكافأة عليه بنعم الدنيا، ويجيئون يوم القيامة ولا حسنة لهم.
ثم يذكر اللّه الخالق موقفا لغير المؤمنين يستدعي العجب، وهو تمنيهم الدفن في التراب، وذلك حينما يكون الناس في موقف الحساب، ويستحضر اللّه الشهود على الأمم وهم الأنبياء بما يكون منهم من تصديق وتكذيب، ويجاء بالنبي محمد صلّى اللّه عليه وسلّم شاهدا على هؤلاء المكذبين، من قريش وغيرهم.
روي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا قرأ هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} فاضت عيناه وذرفت الدموع لأن شهادة أمة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم على الأمم تعد من حالات الإعزاز والتكريم، ولأن شهادة النبي على أمته والأمم السابقة شهادة قاطعة لا تقبل النقض والرفض.
في هذا الموقف الاتهامي والوضع الرهيب لأهل المحشر يود الذين كفروا وعصوا الرسول ويتمنون لو يدفنون في التراب، فتسوى بهم الأرض، كما تسوى بالموتى، وهم لا يستطيعون كتمان حديث أو كلام عن اللّه لأن جوارحهم (أعضاءهم) تشهد عليهم، بعد أن يختم اللّه على أفواههم، وتتكلم أيديهم وأرجلهم بتكذيبهم والشهادة عليهم بالشرك، فلشدة الأمر يتمنون الدفن تحت التراب، وشهادة الأعضاء بإنطاقها من اللّه سبحانه، كما قال جل جلاله في كتابه المجيد: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (23)} [فصلت: 41/ 19- 23].
هذه إنذارات شديدة الوقع على النفوس تقابل تلك البشائر التي زفّها اللّه تعالى للمؤمنين الطائعين.
تحريم الصلاة حال السكر ورخصة التيمم:
الصلاة المفروضة في الإسلام هي معراج النفس المؤمنة إلى اللّه تعالى، وهي محراب التقوى وصفاء النفس وراحة القلب وقرة العين، لذا كان المطلوب فيها استحضار الخشوع والطمأنينة وسكون الأعضاء، وتوافر العقل والإدراك ووعي الأقوال والأفعال المتكررة في الصلاة، وطهارة البدن فلا تصح صلاة السكران والجنب والمحدث وهي باطلة. ولقد يسر القرآن الكريم أداء الصلاة ما دام العقل والوعي متوافرا، وراعى حال الضعف والمرض وفقد الماء من أجل السفر، فأجاز التشريع ما يسمى بالتيمم وهو ضربتان على التراب أو الغبار المتناثر على جدار أو متاع، ومسح الوجه والأيدي إلى المرافق بهما. قال اللّه تعالى:


{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43)} [النساء: 4/ 43].
وسبب نزول {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى}:
ما قال علي رضي اللّه عنه: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما وشرابا، فدعانا وسقانا من الخمر حين كانت الخمر مباحة لم تكن حرّمت بعد، فأكلنا وشربنا، وأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة، فقدموني للصلاة، فقرأت: (قل: يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون) فأنزل اللّه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ}.
وذكر ابن جرير الطبري أن الإمام كان يومئذ عبد الرحمن بن عوف، وأن الصلاة صلاة المغرب، وكان ذلك قبل أن تحرّم الخمر.
وهذا دليل واضح على أن السكر يغطي العقل، ويؤدي إلى الهذيان وتخليط الكلام، والإخلال بالعقيدة والعبادة، فتكون الصلاة باطلة حال السكر، كما أن الصلاة باطلة حال الجنابة، بل يحرم على الجنب دخول المساجد، إلا عبورا من غير مكث ولا توقف أو استقرار في جميع أجزاء المسجد. وقد منع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم توجيه البيوت نحو المسجد، وقال في حديث صحيح رواه أبو داود عن عائشة: «وجهوا هذه البيوت عن المسجد، فإني لا أحل المسجد لجنب ولا حائض».
وذكرت الآية: لا تقربوا الصلاة حال الجنابة إلا إذا كنتم عابري سبيل، أي مجتازي الطريق.
وسبب نزول آية: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} هو ما قال علي رضي اللّه عنه: نزلت هذه الآية وهي قوله تعالى: {وَلا جُنُباً} في المسافر تصيبه الجنابة، فيتيمم ويصلي، وكان نزول آية التيمم في غزوة المريسيع، فكان صدر الآية في حادثة الخمر، وعجزها في حادثة السفر.
وتشريع التيمم رخصة ميسّرة للناس لأن الصلاة تتكرر خمس مرات في اليوم، ولا يجوز تركها بحال، إلا أن الطهارة بالوضوء بالماء قد تتعذر على المسلم المصلي لمرض أو عذر، فرخص الشرع الحكيم الرحيم بالناس في التيمم بالتراب بنحو رمزي، حتى لا تترك الصلاة من أي إنسان، وليس الهدف نقل التراب إلى الوجه واليدين، وإنما أن يقصد الإنسان أرضا طاهرة لا نجاسة فيه، فيها غبار، أو حتى على حجر صلب، أو متاع كمخدة يتناثر منها الغبار، وكيفية التيمم: نية فرض التيمم وضربتان على تراب ونحوه مما ذكر، الضربة الأولى للوجه، والثانية لليدين.
يتيمم مريد الصلاة إذا كان مريضا مرضا يتعذر معه استعمال الماء، أو يضر الجرح أو يؤدي إلى بطء الشفاء، أو كان مسافرا في صحراء أو غيرها على الطرقات العامة، وتعذر استعمال الماء لفقده أو لمشقة السفر، سواء أكان المريض أم المسافر محدثا حدثا أصغر، أم حدثا أكبر، فيكون التيمم جائزا بدلا عن الوضوء أو الغسل لأعذار ثلاثة: السفر، والمرض، وفقد الماء.
وهذا مظهر من مظاهر التسامح والتيسير في أداء الصلاة، ودليل على أن الإسلام يدفع الحرج والمشقة عن الناس، لذا ختم اللّه تعالى الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً} يعفو حيث سهّل الصلاة للمعذور من دون وضوء ولا غسل، واللّه يقبل العفو أي السهل، ويغفر الذنب أي يستر عقوبته، فلا يعاقب المصلحين التائبين، ومن كان عفوا غفورا آثر التسهيل، ولم يشدد لأن اللّه رؤف رحيم بعباده.
تحريف الكتب الإلهية وإهمال الهداية:
من المعلوم أن الأديان السماوية كلها متفقة في أصولها العامة ومبادئها الأساسية، كتوحيد اللّه ونفي الشرك، والدعوة إلى كريم الأخلاق، وسمو الفضائل، وإصلاح المجتمع الإنساني، وإسعاد الفرد والجماعة، والقرآن الكريم مصدق لموسى وعيسى عليهما السلام فيما أنزل اللّه عليهما من الوحي الإلهي في التوراة والإنجيل، وإذا كان الإنسان المتزن متسامحا في نظرته، مبتعدا عن التعصب والانغلاق، فعليه أن يؤمن ويصدق بجميع ما جاء من عند اللّه، وكيف لا يؤمن أهل الكتاب وغيرهم بالقرآن الكريم، مع أنه جاء مصدقا لما معهم، وموافقا لملة إبراهيم الخليل عليه السلام- ملة التوحيد، فمن أخلص للحقيقة، فعليه أن يقتنع بها، ويلتزم بمضمونها، ويدافع عنها، ويستجيب لنداء اللّه في الوحي الإلهي الثابت، وهو القرآن الكريم الذي لم يبق غيره معبرا عن إرادة اللّه وتشريعاته وأحكامه.
أما المعادي للقيم الدينية الإنسانية، فيتهرب من مواجهة الحقيقة إما بالتحريف والتأويل، وإما بالإنكار والجحود، وإما بالاستهزاء والطعن، وصرف الكلام عن إرادة الخير إلى إرادة الشر، لذا وبّخ اللّه سبحانه في القرآن المجيد أولئك الذين يبدلون كلام اللّه، بدافع التطور والمعاصرة، أو بدافع نفعي مادي وحفاظا على المصالح الذاتية والمراكز والمناصب باسم الدين، وبباعث التعصب. قال اللّه تعالى:


{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45) مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46) يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47)} [النساء: 4/ 44- 47].
نزلت هذه الآيات في يهود المدينة، قال ابن إسحاق: كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود، وإذا كلم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لوى لسانه، وقال: أرعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك، ثم طعن في الإسلام وعابه، فأنزل اللّه فيه: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ...} الآيات.
والمعنى: ألم تنظر إلى الذين أوتوا جزءا من الكتاب، يستبدلون الضلالة بالهدى، ويأخذون الكفر بدل الإيمان، ويريدون منكم أن تضلوا معهم الطريق المستقيم، واللّه أعلم بأعدائكم أيها المؤمنون، فامتثلوا أمره، واحذروا الأعداء، وكفى بالله ناصرا يتولى أموركم، ويصلح حالكم، وكفى به نصيرا ينصركم إن نصرتموه، كما قال اللّه تعالى: {كانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 30/ 47].
وبعض الكتابيين يبدلون كتبهم، ويؤولونها تأويلا غير صحيح، وهم يقولون:
سمعنا وعصينا، بدل قولهم: سمعنا وأطعنا، وكانوا يقولون حسدا وحقدا للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم: اسمع لا سمعت، أي لا أسمعك اللّه ولا أجاب قولك، وقالوا للنبي أيضا: راعنا من الرعونة والحمق، وهي كلمة سب، تحريفا بألسنتهم وطعنا في الدين وفتلا بالألسنة عن الحق والصواب والأدب. وهذا منتهى الجرأة في الباطل والعدوان على الحق، ولو قالوا: سمعنا وأطعنا، بدل: سمعنا وعصينا، لكان خيرا لهم وأهدى سبيلا، ولكنهم لم يقولوا ذلك، فخذلهم اللّه ولعنهم وطردهم من رحمته، فهم لا يوفّقون أبدا للخير، ولا يؤمنون إيمانا صحيحا إلا إيمانا قليلا لا إخلاص فيه، ثم دعاهم اللّه للإيمان بالقرآن قبل تدميرهم وتشويههم، ولعنهم كلعنة أصحاب السبت المتحايلين على صيد السمك الممنوع عليهم بأخذ الأسماك من الأحواض التي بنوها، وذلك في يوم الأحد، وكان أمر اللّه التكويني بإيقاع شيء ما نافذ المفعول لا محالة، متى أراده أوجده، فليحذر الناس وعيد اللّه وعقابه.
ما يغفره اللّه تعالى:
إن الإنسان بحكم ضعفه وميله للشهوات دون وعي وتقدير للعواقب، تراه يقع في أخطاء ومعاص أو ذنوب تغضب اللّه تعالى، لأن الخطأ أو العصيان ليس في الواقع في صالح الإنسان نفسه، وإنما هو ضرر في ذاته ولمصالحه، يجرّ عليه أسوأ النتائج وأخطر الأمور، في الدنيا والآخرة، ففي الدنيا ضرر في الصحة والسمعة والاعتبار الأدبي، وفي الآخرة ضرر دائم محقّق بالعذاب في نيران جهنم.
ومن أجل خير الإنسان ونفعه والحفاظ على مصلحته وكرامته حرّم الشرع المعاصي والمنكرات، وأوعد مرتكبيها بالجزاء الشديد والعقاب الأليم، غير أن اللّه الرحيم بعباده فتح لهم باب الأمل وأزال من النفوس رواسب اليأس والإحباط، ورغب في العودة إلى الجادة المستقيمة، والالتزام بمرضاة اللّه تعالى، فوعد سبحانه التائبين المحسنين أعمالهم بالمغفرة، أي ستر الذنب وإسقاطه وجعل للمغفور له أن يدخله الجنة بلا عذاب ولا عقاب، لكن من شاء عذّبه من المؤمنين بذنوبه، ثم يدخله الجنة.
قال اللّه تعالى مبينا دستوره في الوعد والوعيد:

4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11